الأنسجة الآدمية مدخل لإثراء اللوحة الزخرفية لدى طلاب التربية النوعية

ملخص البحث:
لدراسة الطبيعة أهمية ضرورية وملحة بالنسبة للفنان ، فهي التي تکون  ذلک المخزون الطبيعي من حوله والذي يشکل له ذاکرته الفنية ويهذب له حسه التعبيري والذي يحتوي علي کل تلک المثيرات التي يتفاعل معها ليکون ردود فعل تتمثل في أعماله الفنية .
 وقد يکون هذا التأثير مباشراً من خلال المحاکاة المباشرة أو غير مباشراً من خلال ذلک الإدراک التعبيري لها وقد استمر هذا الصراع بين الإنسان والطبيعة حتى يومنا هذا ، ما أدي إلي ثراء لا حدود له في إبداعات الفنانين ، وتنوع المدارس ، والاتجاهات الفنية .
 فظهرت العناصر الطبيعية في تناولها الجديد الملئ بالمعاني والمشاعر متضمنة طاقات روحية وذلک لاندماجها في علاقات جديدة ، لذا فإن مفهوم الطبيعة اتسع ليشمل کافة الکائنات وما يدور داخل هذه الکائنات من تفاعلات وعلاقات .
 وعلي ذلک يمکن إجمال مفهوم الطبيعة في أنها الحقيقة العظمي التي تحيط بالإنسان ، من جبال و انهار وسماوات وبحار وأشجار ودواب وطيور وحشرات وغيرها ، فالطبيعة هي کل ما صنعته يد الخالق ، ولم يمتد إليها صنع إنسان .
والطبيعة قد مهدت التفکير إلى إيجاد طريقة جديدة لحل متغيرات الظواهر الطبيعية المختلفة والبيانات البسيطة ، التي يمکن أن تحسم بعض الأنماط المرکبة  والمختلفة في طبيعتها فتنتج نهايات معقدة من خلال بدايات سهلة^([i][ii]).
هذا التنوع ليس بين عناصر الطبيعة وبعضها البعض فحسب ، بل داخل العنصر ذاته ونسب هذه الأجزاء فيما بينها وبين ما حولها ، فالکون في وحدة تامة کاملة هذه الوحدة تنطوي علي تنوع يزيد من فاعليتها ويؤکد علي حيويتها .
 بذلک يتضح أن الطبيعة قد قدمت للفنان عناصره وأسسه التي يستطيع من خلالها أن يقدم عمل فني متکامل تشکيلياً وبنائيا فهي مرجع مباشر يحوي کافة الإجابات علي تساؤلاته.
وعلي ذلک تعددت استجابات الفنانين الأشکال الطبيعية وهي استجابات ، تتوقف علي طرق الإدراک والفحص وعلي الاتجاه الفردي في الانتماء والاختيار بين الأشکال ، فهناک بعض الفنانين يفضلون أن يميلوا بمشاعرهم ناحية الأنواع المنتظمة الترکيب وفنانين آخرين يفضلون الأنواع الشاذة عن الانتظام والغربية عن المألوف ، فتحل شکل من أشکال الطبيعة يمکن آن يوحي بأکثر من دلالة أو معني للفنان.
 فمثلاً الطبيعة تقدم الأشکال المنتظمة الهندسية والأشکال العضوية علي حد سواء وتعکس الأشکال ذات النسق الهندسي تطبيقاً مباشراً للقوانين والتنا سبات الرياضية لقوي النمو البيولوجية وغالباً ما يدرک خلالها العلاقات الجمالية المطلقة للخطوط والزوايا والسطوح وانتظام الأنساق وحبکة الترکيب واتزانه .
 والأشکال العضوية تتسم بالانحناءات والاستدارات والإمدادات الانسيابية المتعرجة  ومن المقيد للفنان أن ينظر إلي أشکال الطبيعة علي هذا النحو الذي يؤدي إلي إدراک الشکل ليس فقط مجرد ومظهر للانتظام ، ولکن کمفهوم له معني ونظام فعال يوجه الإدراک لفهم طبيعة الحرکة وطبيعة التغيير في ضوء القوي العاملة في تکوينه ونموه .
ولما کان الإنسان کأحد عناصر الطبيعة هو مرکز الکون ، الذي تدور حوله کل الأشياء والمسخرة له في کل ألازمان والأمکنة وجعل الإنسان آية من آيات الله العظمى الذي خلقه في أحسن صورة ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم))^([iii]) وکرمه الله تعالى واصطفاه من بين سائر الکائنات ((ولقد کرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على کثير ممن خلقنا تفضيلا))^([iv]) وهذا الاهتمام الرباني بالإنسان جعل منه مرجعية ومصدر ملئ بالصيغ الشکلية والتناسبات سواء کانت داخلية او خارجية تلک التناسبات التى استخلص منها ليونارد دافنشى Leonardo Da Vinci (1452 - 1519 م) النسب المثالية فيما يسمى "الرجل الفيتروفى" · شکل (1) وکان اعتماده في ذلک محاور حرکة الأطراف لجسم الإنسان الذي کان المرجعية الأساسية في الضبط النسبي والشکلي لمعظم الأعمال الفنية الإغريقية سواء کانت تصويرية أو نحتية .
لم تقتصر الحبکة الشکلية على القيم التناسبية المتوازنه للشکل الخارجي للإنسان بعناصره وأطرافه والهيئة العامة لمکوناته وإنما امتدت لتفاصيله الداخلية التي انطوت على نظم وقوانين وانساق وعلاقات وتباينات جعلت منها مرجعية نظامية يمکن استخراج العديد من المناهج التصميمية التى تعتمد عليها .
 فالترکيب البيولوجي للحيوان والإنسان نظام مماثل  ، فأعداد الأطراف ، الحواس ، العظام ، الفقرات ، ممرات الرئة ، الخلايا والکروموسومات جميعها يخضع لنظم ذات ترکيب رياضي غير مرئي.



[i]


 -[ii] إسلام محمد السيد هيبة "تحليل المنظومات الرقمية المؤسسة للتنظيمات الزخرفية المعاصرة کمنطق لبناء اللوحة الزخرفية " رسالة دکتوراه ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان 2007م  .


[iii] - سورة التين الآية 4                                            


[iv] - سورة الإسراء الآية 70



·  - لوحة الرجل الفيتروفي: لوحة رسمها ليوناردو دا فينشي تمثل رجلين عاريين في وضع متراکب أحدهم داخل دائرة والآخر داخل مربع. يطلق على الرسم والنص المسرد فيها أحيانًا مسمى آخر وهو شريعة الأنساب