المنهج النقدي عند حازم القرطاجني بين التقليد والإبداع

نوع المستند : بحوث علمية محکمة

المؤلف

کلية التربية النوعية جامعة المنوفية

المستخلص

الاتجاه النقدي عند "حازم القرطاجني" في مؤلفه "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" وهو کتاب في النقد والبلاغة تناول فيه حازم القول وأجزاءه ، والأداء وطرقه ، وأثر الکلام في السامعين، وتعمق في بحث المعاني والمباني والأسلوب، وکل قسم من هذه الأقسام الثلاثة موزع على أربعة أبواب يسمى کل واحد منها باسم "منهج"، وکل باب أو منهج يتألف من فصول يطلق حازم عليها اسم "مَعْلم" أو "مَعْرف"، وکل فصل تتناثر فيه کلمتا إضاءة وتنوير، ويقصد بالإضاءة بسط الفکرة الفرعية، والتنوير بسط الفکرة الجزئية.
وقد مزج حازم في کتابه بين قواعد النقد الأدبي والبلاغة عند العرب، وقواعدهما عند اليونان، فعقد فصلاً طويلاً عن نظرية أرسطو في الشعر والبلاغة، معتمدًا على تلخيص ابن سينا لکتاب أرسطو فن الشعر، الذي ضمنه الفن التاسع من کتابه "الشفاء".
وقد  ثار حازم على مبدأ الدوائر العروضية، و حذر الشعراء من مغبة الوثوق فيها، ووجههم إلى الاحتکام إلى أذواقهم وحسهم الموسيقي في تفضيل الأوزان, فکلما کان الوزن موافقا  لمبدأ التناسب، کان أصلح للنظم، سواء أکان منفکا من دائرة أو غير منفک منها في رأي حازم.
واصطنع حازم لنفسه مجموعة من التقنيات لتحليل مستويات إيقاع الشعر العربي، فهو لم يکتف بأدوات العروض التقليدية المعهودة، بل عمل على استغلال طاقتي التحديد والتفريع المنطقيتين، اللتين اصطبغ بهما أسلوبه أثناء تحليله لمستويات الإيقاع الشعري في الجزء أو التفعيلة، ثمّ في المصراع ثمّ المصراعين معا، ثمّ القصيدة برمّتها.
وفي ثنايا بحثه يقدم تحليلا وظيفيا دقيقا لمستويات الإيقاع الشعري، يصل فيه إلى أبعد حدود العروض المدعوم بالذائقة النقدية والحس الموسيقي المرهف.
وينحو حازم منحى نفسيا واضحا في حديثه عن الفصول التي تترکب منها القصيدة، ويقر بأن على الشاعر أن يستهل قصيدته بالفصل الألصق بغرض القصيدة ولا يخفى ما لهذا الکلام من دلالة على ترکيز حازم على العنصر النّفسي في التّحليل  فاستمالة المتلقي والتّأثير فيه لا يتم بصورة أقوى وأبلغ إلا إذا سلک الشاعر هذا المسلک، فبدأ قصيدته بما هو مرتبط بالغرض الرئيس للقصيدة .
ولا يرى حازم ضرورة للوقوف عند أوزان الشعر وأعاريضه التي  وضعها الخليل بن أحمد، ولا عند أحکام القافية التي  حددها العروضيون ، ويرحب بالتجديد في  الأوزان والأعاريض الشعرية ليفسح مجالات التجديد بظهور الموشحات والدوبيت والمزدوجات والرباعيات والأدوار ويقبل تنوع القوافي  بشرط تعدد الإيحاء ، وإفساح المجال لاستکمال التجربة الشعرية عند الشاعر .
ويقف حازم موضحا التناقص مزيلا الإيهام بالتناقض بين المعاني مؤکدا أن الشعراء أمراء الکلام ،" يصرفونه أنى شاءوا ، ويجوز لهم مالا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده ، ومن تصريف اللفظ وتعقيده، ومد المقصور ، وقصر الممدود ، والجمع بين لغاته ، والتفريق بين صفاته واستخراج ما کلت الألسن عن وصفه ونعته ، والأذهان عن فهمه وإيضاحه فيقربون البعيد ، ويبعدون القريب ، ويحتج بهم ، ولا يحتج عليهم  ، ويصورون الباطل في  صورة الحق، والحق في صورة الباطل ". ولا ينبغي أن يعترض عليهم في أقاويلهم إلا من تزاحم رتبته في حسن تأليف الکلام ،وإبداع النظام رتبتهم .
ويؤکد حازم صعوبة الموازنة بين الشعراء وينکر تفضيل شاعر على آخر لمجرد السبق الزماني ، فلا يفضل المتقدمين لتقدمهم ، ويرى أن الشعر موهبة ، وصناعته فنا له قواعد وأصول ، ويجب على الشاعر أن يلتزم بقواعد الشعر وأصوله التي  عرفها.

الموضوعات الرئيسية